الثلاثاء، 22 أبريل 2014

بعضٌ من القَهَر







  هل جربت الإحساس بالقهر ؟
ولو مرّة في حياتك 


أتذكر في طفولتك ,, 
حين سُلبت حريتك في اللعب أو السهر 

بالرغم من بساطة الموقف 
وأنه كان قهراً لصالحك,, 
ومع هذا ,, كيف كانت مرارة القهر ؟ 


هل جربت الإقتراب مما تتمنى 
ثم وبقهر من بيده السلطة 
تم الإلغاء بِدمٍ بارد ؟ 


هل تذكرون العقوبات الجماعية
في الفصل الدراسي ؟ 

حين كان المعلم يعم بالشر
، ويخص بالخير 
 ويعاقب الجميع بذنب الواحد منهم

_______


القهر 

أسوء سلوك يمارسه الإنسان على الإنسان 

يُسلب فيه من المقهور كل حقوقه ,, 

ويستغل القاهر جبروته وقوته وسلطته ,,
في تحقيق مصلحته الخاصة
 أو في إرضاء غروره وأنانيته
أو في إشباع غريزته في إذلال الناس وقهرهم

يستغل ضعف الضعيف وقلة حيلته
 ليقهره تحت أي مسمى وبلا معنى 

قهر البشر للبشر 
ظلم وقسوة وكبر 

واعتداء سافر على كرامة الإنسان 

فكيف وإن وقع القهر
 على " أرملة و يتيم " ؟ 

بِسم التنظيم ،، أو تحقيق الربح المادي 
أو لأي سبب كان ,,  

دعك من كل شيء 
من الإنسانية ومن الأخلاق والذوق العام 

 دعوني أخاطب كل مؤمن ومؤمنة بالله واليوم الآخر  
بخطاب الله عز وجل لي ولك ولكِ ,,


أياً كان موقعنا في المجتمع 

قال سبحانه وتعالى في سورة الضحى : 

" فأما اليتيم فلا تقهر "


اليتيم ولو كان ابن ملك
فهو يتيم مقهور بفقد والده 
يشعر بالنقص والضعف
وإن كان يمتلك كل شيء 

فما بالكم بالأيتام ضعاف الحال؟

والله أمرنا بألا نقهر اليتيم بمطلق المعنى

____

وبنظرة خاطفة لواقع المجتمع في تعامله
 مع الأمر العظيم من الرب العظيم 

وبمثال يكاد يكون متكرر لمئات الآلاف من البشر 
 ويتجدد ويتزايد في كل سنة ,, 


يقضي رجل " مقيم" عشرات السنين في بلدٍ ما 
يتزوج وينجب أطفالاً لا يعرفون إلا هذه البلدة
التي ولدوا فيها وعاشوا فيها
وما عرفوا أحداً إلا فيها 

فيأتيه قضاء الله وينتهي أجله 
فيترك ذرية ضعافاً 
أرملة وعدة أيتام 

فيذوقون من كأس القهر صِرفاً ,,

ويكونوا تحت أربع إحتمالات ,, 


فالحالة الأولى ,,
يعودون إلى بلد أبيهم رحمة الله عليه 
التي لا يعرفونها ولا يعرفون أحد فيها 

ويعيشون حياة قاسية في بلد ظروفها صعبة 
لم يعتادوها في حياتهم وهم ضعفاء 
وصف الله أمثالهم 
بأنهم " لا يسطيعون ضرباً في الأرض"
فنهوي بهم للموت أو للتسول أو لعالم الجريمة


والحالة الثانية.. 
 أن يبقوا في البلد ولا يرحلون عنها
 لكنهم غير نظاميين لأنهم يعجزون عن دفع قيمة 
بقاءهم في البلد ،، وبالتالي فلا قيمة لهم كبشر 


والحالة الثالثة ،، 
أن يساعدهم أهل الخير -
وذلك،، إن عثروا عليهم - 


والحالة الرابعة ،، 
يبقيهم كفيل والدهم المتوفى على كفالته 
ويبقون في البلد بضعفهم وذلهم 

بين تهديد مالك البيت بالطرد
لأنهم غير قادرين على إطعام أنفسهم 
عِوضاً عن توفير قيمة الإيجار

وبين معاناتهم عند تجار الصحة
  إذا اضطروا للعلاج والدواء
فيتم رفض الأرملة واليتيم المريض 
لأنهم فقراء لا يملكون ثمن العلاج  
ولو كانوا " يبكون ويصرخون 
من الألم والوجع " 


ناهيك عن تكاليف نظاميتهم 
والقيمة العالية المضافة من مكاتب التعقيب 
التي تستغل إضطرارهم لتلك الإجراءات بلا رحمة
فبلا تلك الإجراءات الرسمية 
لن يقبلوا في مستشفيات عامة
ولا مدارس حكومية 
ولن يقبل بسكنهم صاحب ملك 

حتى الأربطة والجمعيات الخيرية 
لن تقبلهم بلا أوراق رسمية 

___

بالله عليكم تخيلوا وعيشوا بأرواحكم النقية
مدى القهر الذي يُفرض عليهم باسم النظام
والقهر الذي يفرض عليهم من المجتمع المادي 

_فاللهم إني أبرأ إليك من قهر الضعفاء_ 

وأنا على يقين أن أهل الخير
 إن عرفوا عنهم لا يقصرون معهم 
ولكن هذا ,, إن استدلوا عليهم  

فهؤلاء يسكنون بعيداً وبعيداً جداً
عن العالم الذي نعرفه 

بالرغم من أنه يفصل بيننا وبينهم
بضع كيلو مترات 

" ولكنهم في مناطق " مدفونة بالحيا

ولو إستدل أهل الخير على أرملة ويتيم 

فهناك مقابلهم ألف أرملة ويتيم
لا يزالون في غياهب الجب 

وليس من الإنصاف ولا الإنسانية
ولا حتى من النزول تحت أمر الله
أن ينفق أهل الخير من زكواتهم الملايين كل عام

لا ينال منها اليتيم ريالاً واحداً 

تذهب كلها في تعديل أوضاعهم ولمكاتب التعقيب
ولحسابات تجار الصحة وملاك المساكن 
وكثير منها على مصاريف ورواتب الجمعيات الخيرية 

" فقط من أجل توفير " حق 
من المفترض أن يكون مكفولاً لليتيم
من جميع أهل الأرض بلا إستثناء 

إن الله عز وجل حين أمرنا بالإحسان إلى اليتيم 
وبإكرامه لم يحدد لليتيم ديناً ولا جنساً 
ولا جنسية ولا لوناً ولا عرفاً ولا نسباً 

لفظ اليتيم ,, كان على حالة اليتم
لا أكثر ولا أقل ودون أي اعتبارات أخرى 

وهل ندرك معنى الإكرام ؟

أنظر لنفسك كيف تكرم ضيفاً تحب استضافته 
أو شخصية لها وزنها في المجتمع زارتك في منزلك 

فيا أعزائي الكرام ,,

إكرام اليتيم يجب ألا يقل عن ذلك
بل من حقه علينا أن نبالغ في إكرامه
أكثر من ذلك 

من الإكرام ألا نُشعره بأنه ضعيف ومحتاج
وبأننا نتفضل عليه ، بل أن إكرامنا له فضل علينا 

من الإكرام ألا يشعر بالجوع ولا يجد ما يأكله
وينام بلا عشاء وبعدها إن وجدناه صدفة أطعمناه
ببقايا الطعام والشراب 

من الإكرام ألا يُطرد إلى الشارع 
لأنه فقير لا يجد من يدفع عنه الإيجار

من إكرام اليتيم ألا يطرد من البلد
لأن أباه مات وحتى يبقى فيها يُطالب بمبالغ هائلة
 يعجز عنها بعض أبناء البلد حتى الموظفين منهم 

من إكرام اليتيم أن يعالج ويطبب
كأعلى إنسان في مراتب المجتمع 
و في أي مستشفى حين يحتاج للعلاج 

وألا يُرفض علاجه لفقره 
أو تضطر والدته الأرملة المكسورة 
أن تتسول لتجبر قلبها
 في تخفيف آلام يتيمتها أو يتيمها 


________

والإكرام أحبتي ،،

 ليس بالمال فحسب 
بل بالمعاملة الحسنة
بالإبتسامة ، برفع معنوياتهم 
بتشجيعهم ، بالإهتمام بهم وبشأنهم كله 

بتسهيل إجراءاتهم الرسمية والصحية 
بحفظ حقوقهم وميراثهم ومالهم وكرامتهم  

إن لم يكونوا هم المستحقين لبالغ الإكرام
والإحترام والرعاية الكاملة 

فمن إذاًً ؟ 

أكرر وأخاطب نفسي وإياكم 
بخطاب الله عز وجل وأمره الصريح لنا جميعاً ..

" فأما اليتيم فلا تقهر " 

- أقولها لكل مسؤول ،،  
تجنبوا قهر الضعفاء من المواطنين والمقيمين

أيتاماً وأراملاً قليلي الحيلة
ومساكين وفقراء ضعفاء 


فتتمة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ،، 
" ،، هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفاءكم "


فاحذروا زوال النعمة وزوال المكانة ورفع السلطة 
بقهر الضعفاء ولو كان تحت ذريعة التنظيم 


فالنظام والتنظيم 
هو أن تكون حقوق هذه الفئة العزيزة على قلوبنا
في العلاج والتعليم والسكن والرعاية ,, والكرامة 
محفوظة ومكفولة على أحسن وجه وأتمه 

إلا إن كنتم في غنى عن نعمة الله ونصره 
فاستمروا بإستغلالهم وقهرهم 


- رسالة إلى تجار الصحة 
ستأتي عليكم ساعة بين الدنيا والآخرة 
،، ترون فيها حصادكم رأي العين 
تتمنون فيها رحمة الله مقابل الدنيا وما فيها 

فهل رحمتم ألم الضعيف وحاجته للعلاج 
حين رفضتم إستقباله في مصحاتكم الفندقية 
بحجة النظام وبحجة فقرهم ,,
 لتتمنوا الرحمة من الله ؟ 

ما عليكم إلا أن ترحموا ضعف الضعفاء
 وتعاملونهم بالرحمة 
والرحمة فقط ،، لتنالوا بإذن الله رحمته
 فهو أرحم الراحمين 


- أعزائي ملاك مساكن الفقراء ,,  
ارحموا الضعفاء ، إصبروا عليهم ، ساعدوهم
وإن كان الله قد فتح عليكم ووسع في رزقكم 
فسامحوهم واعفو عنهم إبتغاء عفو الله لكم 

ألا تحبون أن يعفو الله عنكم ؟ 

___

نحن في هذه الدنيا على الأرض
في كل زمن من الأزمان 
يجمع الله فيها مجموعة من الناس
في فترة زمنية واحدة

يبتلي بعضهم ببعض بالخير والشر
وبتقلب الأحوال بين الخير والشر 

ويمتحن بعضهم ببعض 
في العطاء والمنع 
في القوة والضعف 

ويعاملهم كما يتعاملون مع بعضهم  

أمرهم بالرحمة والتكافل
واحترام الحقوق فيما بينهم أوفر إحترام 

يجازي المحسن على إحسانه 
ويجازي المسيء على إساءته 

____

حتى أنتم إخوتي وأخواتي الأفاضل 
محبي الخير وفاعلينه ،، 

إحرصوا على إكرام اليتيم والسعي على الأرملة 
بقدر ما أنعم الله عليكم 
وليس بأقل القليل مما جاد الله عليكم 
 ابتغاء الأجر فقط 

إبتغوا الأجر بنفعهم وكفايتهم وإكرامهم 
كما تنفقون على عيالكم وأهلكم 

فإن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس 

إبحثوا عنهم وعن حاجاتهم
فالمتعففين منهم أخفياء
يحسبهم الجاهل من التعفف أغنياء 

وأعظم الرزق أن يجعلك الله باباً لرزق الضعفاء 


وبقدر ما أنعم الله عليك 
على الموسع قدره وعلى المقتر قدره 

ولا تستكثر على الأرملة واليتيم شيء 
إن قدرك الله على إكرامهم بالمزيد والمزيد 

___


وختاماً ,, 

فإن الحقوق بين الناس
وبالذات حق الضعفاء 
ليس بالأمر الهين
ورب العزة والجلال 
،، ما هو بالهين أبداً 

ففي مكان ما من هذا العالم 
أغدق الله على أهله بالنعم 

يُقهر فيه اليتيم 
وتهان الأرملة 
ويجوع المسكين 
ويموت فيه المريض الضعيف صبراً 

فاليرتقبوا خسفاً وقذفاً ومسخاً 
فحق الضعيف عند الله ,,
قسماً بالله ،، لا ولن يذهب هدراً 


,, فمن كان يرجو رحمة الله 
عليه أن يتعامل بالرحمة 
خاصة مع الضعفاء 

وإنما يرحم الله من عباده الرحماء 

فارحموا من في الأرض
يرحمكم من في السماء 

هذا إن أردنا حقاً وصدقاً ,, رحمة الله 

----

هي حرقة في القلب 
وإن لم إخرجها سيحترق قلبي قهراً 

وكلمة حق ،، 
لعلها تُبريء ذمتي 
من قهر الضعفاء

اللهم هل بلغت 
اللهم فاشهد 


__________________________
محمد عبد العزيز المكوار 
2014 - 4 - 22
twitter : @m_a_almikwar