جميل ان تشعر بقيمة وجودك ومدى عطاءك في وطنك
لكن الأجمل والأغرب أن تشعر بذلك وأنت مقيم في غير موطنك ..
والأكثر غرابة حين تكون أيها المقيم لست صاحب تخصص نادر
وربما حتى كنت أُمياً .. لا تقرأ ولا تكتب
كيف أن هذه البلد التي تعمل بها " قماماً في البلديه "
أو عامل في محطة بنزين ..
لا تستطيع ان تستغني عنك ..
لا أتكلم عن المقيم صاحب الخبره والتميز العلمي والعملي ..
في مجالات الطب والتعليم والهندسه .. الخ
إنما كلامي سيكون عن أصحاب المهن التي يستنكف المواطن أن يعمل فيها ..
بدأً بالتمريض و البائعين في المحلات الصغيره ..
مروراً على المهن اليدويه كالسباك والكهربائي وعمال البناء ..
وصولاً الى عمال محطات البنزين والسائق الخاص والعام والخادمه المنزليه ..
وإنتهاءً بسائقي وايتات الصرف الصحي وعمال النظافه " القمامين "
"وأنتم وهم بكرامة "
تخيلوا معي ..
لا سمح الله " لظرف ما " ..
رحل جميع المقيمين من البلد
ولم يتبقى في الوطن غير المواطنين والمواطنات
الأحياء منهم والأموات ..
أترككم مع بعض المشاهد المتوقعه لحال المجتمع في هذه الوضع :
- لن تجد مواطنه سمينه ولن تجد مواطنه ..
تقضي وقت فراغها بالتعسيل في احد المقاهي
ولا راح تلقى وقت تستخدم التلفون الا لأقصى درجات الضروره " كلمه ورد غطاها " ..
لن يكون لديها وقت للقيل والقال وكثرة السؤال واضاعة المال
لأنه وببساطه ليس لديها خادمه ولا سائق
ولا صديقه فاضيتلها لأن كل صديفاتها حالهم من حالها
ولا حتى زوجها فاضيلها يخرجها او حتى يكلمها ..
لأنه حايس بالمكيف الخربان والغساله المتعطله والسياره المشرقه
وماهو لاقي لا فني تبريد ولا مكنيكي يصلح سيارته .
---------
- إن حصل وقرر الزوجين انهم يتحدوا الظروف ويطلعوا مشوار للترفيه ..
السياره مشت الحال واتحركت ..
مروا على محطة بنزين تفاجئوا ان الي قاعد يعبي بنزين للناس
هو صاحب المحطه وعياله " لأن العمال غادروا البلد "
جا ولد صاحب المحطه يعبي لهم ..
وبعد جهد جهيد .. ومحاولات عديده فاشله في التعامل مع آلة تعبئة البنزين
اكتشف "الواد" إنه مافي بنزين عندهم ..
إتصل على أرامكو يطلب منهم وايت نقل الوقود ..
ردوا عليه : " ماعندنا عمال ولا سواق وايت يوصل لكم البنزين ..
كل عمالتنا رحلوا !!! "
--------
-إضطر الزوجين المكافحين أن يترجلوا من سيارتهم
ويتمشوا " كعابي " في شوارع الوطن الجميله " لأول مره في حياتهم " ..
للأسف ما قدروا يمشوا خطوتين ..
ريحة المجاري اعزكم الله " فايحه " ومستنقعات للصرف الصحي قدام كل مبنى ..
لأنه وبطبيعة الحال مافي ولا وايت صرف صحي بيقوم بدوره اليومي بشفط المجاري
صناديق البلديه طافحه والقمائم متناثره في كل مكان ..
وهذا شي طبيعي في ظل عدم وجود عمال للنظافه
ومن المنطقي بهذه الحاله انتشار البعوض والذباب والجراثيم والأوبئه
الزوجه "الكادحه" أصيبت بالقرف المستفحل وكاد ان يغمى عليها قرفاً ..
والزوج "البائس" اصيب بحالة اكتئاب حاد مزمن ..
--------
وبعد وقت طويل من السير وسط السيارات المتعطله وبين القمائم والمستنقعات
وصل الزوجين الرائعين وهم " بحاله مزريه وريحتهم طالعه " الى مستشفى خاص فاخر
وعانوا كثيراً لتجاوز بحيرة الصرف الصحي التي تزين مدخل المستشفى
المهم .. بعد ما وصلوا للمستشفى ..
قابلهم موظف إستقبال " مواطن " حالته من ناحية الملبس والمنظرلا تقل عن حالتهم ،
لأنه قد عانى نفس معاناتهم ليصل الى مقر عمله بالمستشفى ..
ماعلينا !! ..
- الزوج : وين الممرضه يا أخ موظف الإستقبال ؟
- الموظف : ترى 95% من الممرضات و 75% من الأطباء
و 99% من فنيين المختبر والاشعه
و100% من عمال النظافه والصيانه رجعوا بلادهم ..
وعلى ضوء هذا النقص في الكوادر الصحيه والفنيه بالمستشفى ..
روح شوف أقرب جهاز قياس الضغط اذا شغال قيس ضغطك وضغط زوجتك ..
وتعال أسويلك موعد في الطوارئ بعد "ثلاثة أسابيع " وهذا ترى أقرب موعد .
---------
طلع الزوج من المستشفى وهو بحالة احباط شديده ..
أما الزوجه فقد ترك أشلائها بالمستشفى بعد ان فجرت نفسها فيها
لتسجل اول حالة إعتراض " عملي " على وضع البلد بلا مقيمين .
وهو ماشي على رجوله برحلة العوده المضنيه للبيت ..
شاف مشاريع البناء العامه والخاصه متوقفه والمواقع مهجوره
فلا يوجد عمال مختصين ولا حتى مبتدئين
المحلات التجاريه مغلقه لعدم وجود بائعين فيها ..
هذا غير المقيمين من أصحاب المحلات بنظام التستر
سحبوا رؤوس أموالهم ورجعوا بلادهم
أنعام جميله أليفه كالخراف والإبل وبعض البقر ..
يزاحمون القطط السائبه في الشوارع ..
فالوضع في البر لم يعد آمناًَ لهم في ظل غياب ألاف الرعاة
من الإخوه المقيمين عن أرض الوطن .
---------
هذا مجرد تصور بسيط لحال مدن الخليج الراقيه..
في ظل غياب العماله من الاخوه المقيمين
وما خفي أعظم ..
ماذا سيكون حال الموانيء والمطارات وقطاع النقل والشحن والتحميل والتنزيل !! ؟
ماهو حال الإنتاجيه في المعامل والمصانع ؟
سيكون من الأسهل عليك أن تقابل وزيراً أو أميراً ..
على أن تحصل على موعد مع سباك أو كهربائي أو حتى خياط وحلاق..
سينقسم المجتمع الى قسمين .. قسم بشعور ولحى طويله ..
وقسم حالقين على " الزيرو "
وسيختفي تماماً سوق تقصير الشعر ونظام القصات المبتكره ..
وذلك لأن عدد الحلاقين من المواطنين ..
لن يتجاوز أصابع اليد الواحده في جميع انحاء الوطن .
----------
من الأحق بعبارة " إرفع راسك " في هذه البلاد ..
التي لا يستطيع فيها المواطن أن يدبر فيها أبسط مقومات الحياة بنفسه ..
دون أن يستعين بالمقيمين ؟
هل هو المواطن ؟ أم العامل المقيم ؟
إن أي بلد يجب أن تعتمد على المواطنين في جميع تلك الأعمال وإلا كان بلداً من ورق
والله لن ينفع المال ولا البترول ولا أي شيء إن لم يعتمد أهل البلد على أنفسهم
حقيقة وواقع لا يمكن إنكاره ..
أن المقيمين الأن هم عصب الحياه في بلادنا ،
وثقافة المجتمع الخاطئه هي من جعلتهم كذلك
إنهم إخواننا ولا نستهين بهم ، بل إن من يستهين بهم فهو إنسان مكابر
أتحداه أن يعيش في البلد شهراً واحداً اذا رحلوا عنها
لكن لا يمكن ان يكون هذا الصواب ، بل هو ضعف شديد وخطر وطني عظيم
عندما حصلت ظروف سياسيه واضطرابات أمنيه في تونس و مصر واليمن ..
كان المغادرون من بلادهم هم المستثمرون والسياح ..
وبعض الدبلوماسيين الأجانب وبعض الخبراء المتخصصين
لكن جميع الوظائف الحيويه الضروريه لأي حياه مدنيه سليمه موجودين " لأنهم أبناء الوطن "..
وتحت أي ظروف هم يمارسون مهنتهم ، لأنها " ببساطه " هي مصدر رزقهم ..
بعض الإخوه من المواطنين ..
رجال بالغين عاقلين عاطلين كسولين لا يقبلون بأي عمل مالم يكن على مكتب وبراتب جيد
وان تحقق لهم ذلك لم يؤدوا ماعليهم من مسؤوليات ولم يراعوا حق الله في دوامهم
وماعلى بعضهم أن يكون متسول ويقتات من الضمان الإجتماعي لوالدته الأرمله العجوز
على أن يعمل بائعاً في بقاله أو عامل في محطة بنزين براتب يحفظ له ماء وجهه وكرامته
أو أن يتعلم مهنة " سباك ، كهربائي ، نجار ، حداد "
يصرف منها على نفسه وأهله بكرامه وعزة نفس
-------------
إن بعض الوظائف التي نستهين بها وباهلها ..
لن نشعر بقيمتها إلا اذا فقدنا العاملين بها ..
فإذا كنّا لا نستطيع أن نعمل ببعض تلك الوظائف ..
فعلينا على الأقل أن نعرف قيمة " العمالة المقيمة " الذين يمتهنونها
ولا نمتهنهم ونمتهن وظائفهم ..
فلا طاقة لنا للعيش في وطننا بدونهم ودون وجود من يعمل في مهنتهم .
فلا أعتقد أن بعض الوظائف بمقدور المواطنين أن يمارسوها ..
وإضطر " الضعفاء " من العماله الوافدة أن يتغربوا عن ديارهم وأهلهم ليعملوا فيها
ليوفروا لقمة عيش بسيطه لعيالهم ..
فالنرحمهم ونعطف عليهم ونعطيهم حقوقهم ونعاملهم بالحسنى ..
ليس عطفاً عليهم فحسب ..
ولكن لأن ذلك من مكارم الأخلاق ..
ولأننا " فعلياً " لا نستغنى عنهم ولا عن وجودهم .
شاكر ومقدر لكم قراءتكم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق