قال الحق سبحانه وتعالى :
" وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ
ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " .
خواطر في معنى الآية الكريمة : وإن "جاهداك " على أن "تشرك" ..
فلا تطعهما و"صاحبهما" في الدنيا " معروفاً "
- " جاهداك ":
.. أي أن والديك وهما أقرب الناس إليك إستنفذا جهدهما في أمرك وإرغامك والضغط عليك ..
ويجاهداك بإستنفاذ صبرك وطاقتك وجهدك في مقاومة ما يرغمونك عليه .
جهد سلبي في مواجهة جهد إيجابي ..
وأكيد أن من يجاهد في الباطل فإن وسائله أوسع فلا مراعاة للحق والرحمة فيها
ومن يجاهد في الحق فوسائله محصورة في الحق والصبرعلى الحق ومقاومة الباطل بالحق .
وغالباً ما يكون الباطل موافق لهوى النفس فمقاومته شاقة وتحتاج للمجاهدة .
- " تشرك " :
هم لا يجاهداك في خير لك ، ولا في شيء مختلف به ، ولا في مجرد شر عليك
لا يجاهداك في أمر من أمور الحياة الطبيعية بين الولد ووالديه ..
إنما يجاهدان على إرغامك بكل وسيلة كانت ترغيباً وترهيباً ..
مستغلين أوطد علاقة بشرية وأصدقها لتطيعهم على إرتكاب أكبر كبيرة وأعظم الموبقات ..
يريدانك أن تشرك بالله العظيم .
- فلا تطعهما .. " وصاحبهما في الدنيا " ..
الحل الإلهي لهذه المحنة العظيمة أن لا تطع والديك في جهالتهم وشركهم ولا ترضخ لوسائلهم
في إرغامك .. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فكيف بالطاعة على الإشراك به جل جلاله
و"صاحبهما في الدنيا " .. مازال بر الوالدين والإحسان إليهما قائم بالرغم من شدة كفرهم
ومجاهدتهم لك على الشرك ، ومع ذلك فقد أمر الله عز وجل بأن لا نطيعهم في الشرك
وفي الوقت ذاته " لا تقاطعهم " صاحبهم في الدنيا
ولا تطعهم في معصية لله وفيما يأمرونك به من الشرك بالله سبحانه وتعالى عما يشركون .
- " معروفاً " ..
ليست مصاحبة في الدنيا .. بل مصاحبة بالمعروف .. كما هو متعارف عليه بصحبة الولد لوالديه
من البر والإحسان والمعاملة بالحسنى وطاعتهم في غير معصية الله وكما بين الله عز وجل
في حقهما علينا .. " ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما "
قد تكون مصاحبتك لهم بالمعروف خيراً لهما بأن يهديهم الله ببرك لهم مع صلابة موقفك بمسألة الشرك ،
أو ما دون ذلك من الطلبات التي لا ترضي الله ، مع تمسك ببرهم وحفظك لمقامهم بالنسبة لك .
- "واتبع سبيل من أناب إليّ " :
واقتدي بمن فعلوا ذلك ونجحوا في هذا البلاء العظيم ، حتى تكون مثلهم .
- " ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " :
هذه الدنيا ابتلاء على الإنسان المكلف بخير وشر وشدة ورخاء
وهي فترة قصيرة يعقبها الرجوع إلى الله ومآلنا يحكمه نتيجة ذلك الإبتلاء وما عملنا في الدنيا .
وقفة :
ذكر الله المجاهدة : وهي قمة الأمر
والشرك : وهو قمة الخطيئة والظلم
مع قمة العلاقات الإنسانية ..
مع قمة العلاقات الإنسانية ..
فمن باب أولى أن بر الوالدين والإحسان إليهما ومصاحبتهم بالمعروف أمر من الله لنا
فيما هو أدنى من المجاهدة وأدنى من الشرك دون طاعتهم فقط فيما لا يرضي الله .
" ربي إرحمهما كما ربياني صغيراً "
أسأل الله أن يرزقنا واياكم رضى الوالدين وأن ينولنا برّهم .
__________________________
محمد عبد العزيز المكوار
maom75@gmail.com
twitter: @m_a_almikwar
" ربي إرحمهما كما ربياني صغيراً "
أسأل الله أن يرزقنا واياكم رضى الوالدين وأن ينولنا برّهم .
__________________________
محمد عبد العزيز المكوار
maom75@gmail.com
twitter: @m_a_almikwar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق