الخميس، 16 أكتوبر 2014

الشوكولاتة اللعينة +21




عادت إلى البيت في وقت مبكر ..

لِتجد طفلها البدين يلتهم قطعة من الشوكولاتة
سعيداً ، مطمئناً بأنها لن تعود في هذا الوقت

وبصرخة مدوية  ,,
 ,, تزلزلت عِظام طفلها

ولم يفق من صدمته إلا بصفعة
أخرجت بقايا الشوكولاتة من أمعاءه

تلتها بصفعة أخرى ,,
أبغض معها الكاكاو ومن إكتشفه

وبحكم عسكري فوري ,,

أمرته بصعود الدرج ونزوله ساعة كاملة بلا توقف

وخلال توجهه لمحل التنفيذ ..
 كان يتلقى الكثير من الإستهزاء بمنظره وبدانته


,, مرَّ نصف الوقت ،،
أحس الطفل بالتعب الشديد وبالعطش

توسل لأمه بأن يستريح قليلاً
ويشرب بعض الماء

ردت عليه الأم وهي مسترخية على الأريكة
مستمتعة بتناول قطع الشوكلانة التي سحبتها من يده :


" أصمت وأكمل، وإلا ضاعفت لك المدة " 


وظلت تعيد عليه " رجاءه " بتقليد صوته
 مع مطمطة الأحرف وأكلها


،، واصل الطفل البدين عناءه
وواصلت الأم إلتهامها للشوكولاتة ..


_ فجأة _  


سمِعَت صوت إرتطام مفزع


إنتفضت كالكواسر مسرعة نحو الصوت

ويسبقها ,, صراخها بأنواع التهديد والوعيد ،،
بأنه لو كسر شيئاً ستذبحه من الوريد إلى الوريد

فلما وصلت لمصدر الصوت ،،

رأت إبنها وقد سقط من الدرج على الأرض
وهو فاقد الوعي والنفس ..

هرعت إليه صارخة باكية :

" إبني حبيبي أجبني أرجوك " 

ركضت نحو المطبخ
ملأت كوباً من الماء البارد

وفي اليد الأخر حملت من الشوكولاتة
بقدر ما تمكنت يدها من إحتواءه

" إشرب يا حبيبي ،، إروي عطشك " 
لقد قلت بأنك عطشان    

وهذه الشوكولاتة التي تحبها 
 ،، تناول منها قدر ما تشاء 
فقد كنت أمنعك منها لأني أخاف عليك

سامحني يا حبيبي 
 " قل شيئاً وأعدك ألا أقسو عليك أبداً " . 

لكن الطفل ,,

 كان قد سقط من الإعياء ,,
ومع وزنه الزائد
كُسِرت رقبته وفارق الحياة


تمنت أن يعود إليها

ليسمع منها ..  أنها تحبه
ولتعامله بمزيد من الحكمة والصبر

ولكن ,, فات أوان الندم 


_ وفي سياق آخر للقصة _ 

لو أن الطفل البدين أنهى عقوبته وعاد لأمه
فوجدها في مكانها ،، وقد فارقت الحياة

وكان آخر ما جمعه بها عنف وإستهزاء
وإزدراء ،، لم يفهم بعقليته البسيطة مغزاه

 ربما بتفكيره المحدود ,,
سَيعتقد أنه المتسبب في موتها لأنه أغضبها كثيراً
ولن يسامح نفسه أبداً على ذلك

وقد تنشأ في نفسه عقدة
ستقضي على ما تبقى من جمال حياته

وسيعتبر الكاكاو ثمرة لعينة
تسببت في موت أمه وهي غاضبة عليه


ومع مأساوية القصة بسياقيها ،،


إلا أنها تتكرر كثيراً

 وكثيراً جداً في كل يوم
مع أشخاص مختلفين
وقصص متشابهة في مضمونها
متباينة في تركيبتها وأحداثها

 بين الأولاد وآبائهم ، وبين الأزواج
، وبين الأقارب ، والأصدقاء ، وزملاء الدراسة والعمل
وبيننا وبين من نتعامل معهم في الحياة ولو لمرة واحدة

فلا ندري لعل معاملتنا معهم ..
 هي آخر معاملة لهم في حياتهم أو حياتنا

ومن يضمن عكس ذلك ؟ 


___________


http://www.worldometers.info/ar/

..في هذا الموقع الموجود على الإنترنت ..
يظهر من خلاله العديد من الإحصائيات الإنسانية المتغيرة آنياً
لعدد المواليد والوفيات في العالم بتحديث مهيب في كل لحظة

وبحسب هذا الموقع فإن كل يوم
يموت فيه حوالي١٥٠.٠٠٠ إنسان
بمعدل ٦٠٠٠ إنسان في الساعة
وبمتوسط ١٠٠ إنسان في الدقيقة

وتقريباً ,, حالة وفاة وحالة إحتضار في اللحظة الواحدة

وحتى لا نكون مصدر وسبب لتعاسة إنسان
قريب منا أو بعيد ، في آخر لحظات حياته
أو آخر لحظات من حياتنا

علينا أن نتعامل مع الجميع القريب والبعيد
 بإحترام وذوق ورفق ورحمة


وأن لا نؤذي أحداً معنوياً ولا مادياً بقدر الإمكان
وألا نعتدي على حق وكرامة أي إنسان
ولا أي كائن يشاركنا الحياة على كوكب الأرض

وأن نكون نافعين للغير بلا مقابل قدر المستطاع

لا تسمحوا للمخاوف والأطماع والأنانية ومادية الحياة
أن تستحوذ على إنسانيتكم ، وتغطي جمال طباعكم


_ وحتى لا يفهم مقصدي خطأً _


فكلامي لا يعني أن نكون  دجاجاً
لا يطالب ولا يأخذ بحقه ولا يدافع عن نفسه

ولا أن نكون " جماداً " لا ينفعل ولا يغضب
لنفسه ، وكرامته ، ولحقه ، وحق غيره

ولا أن نتخلى عن دورنا التربوي تجاه أطفالنا
والقيام بمسؤولياتنا الإنسانية مما يتطلب الحزم

ولكن ,, أن نؤدي أدورنا ونمارس حياتنا ومعاملاتنا
بالحق والحكمة والرفق والتسامح


وبذلك فقط ،، لن نشعر بالذنب تجاه أحد
ولا بالتقصير في حقه

ولن نلوم أنفسنا على سلوكنا الأخير
بالنسبة لنا ،  أو مع من رحل عنَّا ..


وما أرقَّ وأجمل قول حبيبنا رسول الله
 : صلى الله عليه وسلم

"  إنَّ اللهَ رفيقٌ يحبُّ الرفقَ
،ويُعطي على الرفقِ ما لا يُعطي على العنفِ " 

وفي الحديث الآخر
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

"  من يُحْرَمِ الرِّفقَ ، يُحرَمِ الخيرَ "


_أخي الإنسان ,, أختي الإنسانة_

عبروا عن محبتكم ، وودكم ، ورحمتكم ، وإحترامكم

لوالديكم ، أطفالكم ، أزواجكم ، إخوتكم ،أقاربكم ، وأصدقاءكم
ولا تفترضوا بأنهم يعلمون بمحبتكم ،، فلا داعي لإظهارها لهم

هم أولى الناس بإظهار المحبة والمعاملة الحسنة ,,
بالحكمة ، والرحمة ، والرفق ، واللين ، والصبر ، والتسامح

فالأقربون أولى بالمعروف ,,

يليهم الناس كافة الأقرب فالأقرب

إحترموا كبيرهم ، وارحموا صغيرهم

إحرصوا على إعانة المحتاج منهم ، والضعيف بما استطعتم

فكلنا في هذه الدنيا مُبتلون ببعضنا وبعلاقاتنا ومعاملاتنا



لا تدخروا حبكم واحترامكم لإنسان
 لِما بعد رحيله ..

فإن رحل .. 

لن ينفعه الحزن 
ولن يواسيه الندم 






____________________
محمد عبد العزيز المكوار
2014- 10 - 16





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق